البشرية والاختلاط العرقي والديني
17 أكتوبر 2008 | كتبه سلوان
يدفع البحث عن لقمة العيش أن يتوجّه الإنسان إلى أقاصي الأرض، ومنطقياً أن يتوجه للبلدان الأكثر غنى من بلده، كي يجمع مالاً يقتات به هو وعائلته. وإذا توجهنا لإحدى هذه البلدان الغنية لدراسة نتائج هذا الأمر، نرى أن الشعوب أخذت مع الوقت تختلط فيما بينها، ففيها نرى إنساناً أسود البشرة متزوجاً بامرأة شقراء أما أبنائهم فهم من العرقين، وترى أيضاً الصيني أو الياباني الأصل، العرق الصفراوي، والإفريقي والأسيوي والأوربي وكلهم يتحدثون ذات اللغة ويتكلّمونها بطلاقة، وهذا يدفعك للتساؤل: كيف سمحت الحكومات لهذا وكيف وصلت النتائج لما هو عليه الآن؟ ونستغرب ونقول: يا ترى أين هم السكان الأصليون؟.
تسببت الحروب في العالم، على مدى العصور، وبكل أنواعها، مآسي بشرية مما دفع الكثير للهرب إلى بلادٍ أخرى أكثر أمناً و رخاءً. ويقول البعض أن سبب الكثير من هذه الحروب كان عرقي أو ديني، وبرأيهم حتى تنتهي هذه الحروب على الشعوب أن تختلط فيما بينها عرقياً ودينياً، فليتزوج الزنجي والشقراء أو الأسيوي مع الصفراء …الخ. هذا يُنتج جيلاً من أبوين مختلفين، وأبنائهم، كإخوة، لن يروا فرقاً فيما بينهم أو مع والديهم وبالتالي ستنتفي نظرة الكراهية بينهم وينتفي الدافع لاستعباد الأبيض للأسود وبالأحرى الدافع العرقي.
لعل نظرية تغيير نظرة شعب ما لآخر عن طريق اختلاط الشعوب فيما بينهم نظرية إيجابية جداً، ولكن هل نستطيع أن نطبقها دينياً؟
يا ترى هل تنتفي كل الحروب الدينية مع تقارب هذه الأديان واختلاط الشعوب فيما بينها؟ هناك المسيحيون والمسلمون واليهود والبوذيون والغير مؤمنون بكل طوائفهم الكل متمسك بإيمانه وعقائده والمحاولة لخلط هذه الأديان ودمجها ليس إلا محاولة لإلغاء بعض الأديان الأساسية وتشويهها ونحن كأورثوذكس نفهمها كضرب للكنيسة الأورثوذكسية. يحاول الشيطان أن يقنع الكثيرين بحججه الواهية أن المحبة تقضي أن تندمج مع الآخر وأن تنفي ذاتك وتتخلى عن أصالتك لتصبح شيئاً ما غريباً عن ذاتك. ولكن نحن كأورثوذكس علّمَنا المسيحُ المحبة الحقيقة وهي أن لا نطلب إلغاء أحد من الوجود لنكون نحن وفقط، بل أن نتعايش مع الجميع محترمين أديانهم وإيمانهم وبالمقابل نطالبهم أن يحترموا ديننا ويقبلوه ونتعايش معهم بسلم. أليست هذه محبة وعظيمة؟ هذا هو التوازن بين الآيتين التاليتين في حياتنا: “كونوا حكماء كالحيات” (متى 16:10)، “أحبوا أعدائكم” (متى44:5).
قضية “من يخلص؟” شائكة وواضحة بآن معاً ومن جهتين مختلفتين، فتكون واضحة عندما يرى أحدهم الخلاص ضمن دينه أو طائفته، وتكون شائكة عندما يرى إيمان الآخر مستنداً على عقيدة دينه أو طائفته فيكفّره أو يقول أن ذاك لن يخلص. أنا كأرثوذكسي أرى الخلاص في كنيستي وعندما أنظر إلى الأديان الأخرى أرى طريق الخلاص شائك جداً لا يصل لنهاية، وذات الشيء يراه المسلم عني والبوذي عن المسلم و… الخ وبالتالي إلى أي نتيجة سنصل عندما ينظر الإنسان للآخر نظرة فوقية خالية من احترام دينه أو لونه مكفّراً إياه أو قائلاً أن لا خلاص له؟.
أما قضية التبشير فهي ساخنة جداً والتبشير الصحيح اليوم هو أن تعيش إيمانك حقيقة فيراه الآخر فيعلم أنه حقيقة لا وهم أو مجرد كلام، في السابق كان العالم كله بحاجة لتبشير أما اليوم فالحاجة الأكبر هي لتبشير بعض المسيحيين بالمسيحية، وهي ساخنة لأن الكثير من الأديان تحاول أن تزيل العالم كله وتبقى هي سائدة على الكل وطبعا كلنا يعلم أنه لن يتحقق وبالتالي الصراع سيستمر والكره سيزداد والحروب بالتالي ستتكرر.
بالتالي إن كان الحل في إزالة الأسباب العرقية للحروب عن طريق الاختلاط بين الشعوب يزيل جزءا من أسباب الحروب فإنه مقبول لأنه خير للبشرية، أما الامتزاج الديني فسيكون إما مسح الأديان ليكون دين واحد في العالم أو خلق دين جديد يجمع الجميع كما تدعو إليه هرطقة “العصر الجديد”. لكن أي دين يقبل أن يُمسح من الوجود؟ بالتالي أسباب الحرب ستبقى ولكن يبقى لنا حل برأي هو أن يحترم الواحد الآخر كيفما كان أكان أشقر أم أصفر أم أسود… أكان مسيحياً أم يهودياً أم مسلماً أم بوذياً أم…الخ و ليتعايشوا كإخوة في الإنسانية أما الأمور الدينية والإيمانية فليمارسها كل واحد كما يؤمن ولندع الحساب لله.

لقد لمسنا التاثير السلبي للاندماج بين الاديان في الدول الاوربية لا سيما في السويد التي هي الان الموطن الذي اعيش فيه مع عائلتي.
عن تجربة الكثيرين من الازواج الذين هم من اديان مختلفة ادى هذا التزاوج الى ضياع الاولاد لكونهم لا ينتمون الى اي دين معين لان الاهل حاولوا ان يمسحوا هويتهم الدينية .
الله معك دينا
شكرا للمشاركة
أظن إحدى أهداف الإختلاط العرقي هو محو الدين أو ما نقول الهوية الدينية وهذا شيء خطير من ناحية أن يصبح الإنسان غير مؤمن بالله